Translate

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

قبيلة صنهاجة

قبيلة صنهاجة


إن الحديث عن القبائل الليبية يجرنا الى الحديث عن القبائل الامازيغية تلقائياً، لأن القبائل الليبية هي جزء من القبائل الامازيغية، والتي كانت تجوب منطقة شمال افريقيا من بحر القلزم (البحر الاحمر) الى المحيط الاطلسي حسب ما ذكر في المصادر التاريخية، وأن سبب ارتحال هذه القبائل يرجع الى عدة اسباب منها الحروب والبحث عن مواطن الاستقرار الامنة والتي يتوفر فيها المأكل والمشرب، ومن هذه القبائل هوارة وزناته وكتامة وصنهاجة ونفوسة …الخ.

ويوجد في ليبيا اليوم من يذهب بنسب بعض القبائل الى الاشراف وهذا شئ مبالغ فيه، مثلاً كثرة هذه الاعداد التي تنسب الى الاشراف حتى تقدر بالملايين وهذا رقم مبالغ فيه، وهناك من ينسب نفسه للاشراف أي العرب وهو يحمل صيفات وراثية غير عربية مثل لون البشرة الابيض والاحمر ولون العيون الخضراء والزرقاء وهي صيفات امازيغية معروفة منذ زمن الفراعنة، اما الصيفات العربية مثل لون البشرة تميل الى السمرة وعيونهم سوداء وعسلية.

ولكون اغلب هذه القبائل هي قبائل بدوية وليست حضرية تجوب الصحراء الافريقية مما يؤكد انها بعيدة عن نسب الاشراف، لأن الاشراف دائماً يكونون محل الاهتمام وينالون المرتبة العليا في كل مكان ولا يمكن ان يكونوا بدو مهمشين في الصحراء يطردون من مكان الى آخر، كما هو الحال بالنسبة للقبائل الليبية الغير مستقرة.

وهذا بعض ما قاله ابن خلدون في من ادعى النسب الى الاشراف لغرض الرقي بنفسه الى مرتبة أهل البيت:

(من ذلك ادعاء بنى عبد القوي بن العباس بن توجين أنهم من ولد العباس بن عبد المطلب رغبة في هذا النسب الشريف وغلطا باسم العباس بن عطية أبى عبد القوي ولم يعلم دخول أحد من العباسين إلى المغرب لأنه كان منذ أول دولتيهم على دعوة العلويين أعدائهم من الأدارسة والعبيديين فكيف يكون من سبط العباس أحد من شيعة العلويين من وكذلك ما يدعيه أبناء زيان ملوك تلمسان من بني عبد الواحد أنهم من ولد القاسم بن إدريس ذهاباً إلى ما اشتهر في نسبهم أنهم من ولد القاسم فيقولون بلسانهم الزناتي أنت القاسم أي بنو القاسم ثم يدعون أن القاسم هذا هو القاسم بن إدريس أو القاسم بن محمد بن إدريس ولو كان ذلك صحيحاً فغاية القاسم هذا أنه فر من مكان سلطانه مستجيراً بهم فكيف تتم له الرئاسة عليهم في باديتهم وإنما هو غلط من قبل اسم القاسم فإنه كثير الوجود في الأدارسة فتوهموا أن قاسمهم من ذلك النسب وهم غير محتاجين لذلك فإن منالهم للملك والعزة إنما كان بعصبيتهم ولم يكن بادعاء علوية ولا عباسية ولا شيء من الأنساب وإنما يحمل على هذا المتقربون إلى الملوك بمنازعهم ومذاهبهم ويشتهر حتى يبعد عن الرد ولقد بلغني عن يغمراسن بن زيان مؤئل سلطانهم أنه لما قيل له ذلك أنكره وقال بلغته الزناتية ما معناه أما الدنيا والملك فنلناهما بسيوفنا لا بهذا النسب وأما نفعهما في الآخرة فمردود إلى الله وأعرض عن التقرب إليه ما بذلك. ومن هذا الباب ما يدعيه بنو سعد شيوخ بني يزيد من زغبة أنهم من ولد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وبنو سلامة شيوخ بني يدللتن من توجين أنهم من سليم والزواودة شيوخ رياح أنهم من أعقاب البرامكة وكذا بنو مهنا أمراء طيىء بالمشرق يدعون فيما بلغنا أنهم من أعقابهم وأمثال ذلك كثير ورئاستهم في قومهم مانعة من ادعاء هذه الأنساب كما ذكرناه بل تعين أن يكونوا من صريح ذلك النسب وأقوى عصبياته فاعتبره واجتنب المغالط فيه ولا تجعل من هذا الباب إلحاق مهدي الموحدين بنسب العلوية فإن المهدي لم يكن من منبت الرئاسة في هرثمة قومه، وإنما رأس عليهم بعد اشتهاره بالعلم والدين ودخول قبائل المصامدة في دعوته وكان مع ذلك من أهل المنابت المتوسطة فيهم والله عالم الغيب والشهادة) انتهى.


قبيلة صنهاجة

يقول ابن خلدون أن صنهاجة من بطون البرانس هذا القبيل من أوفر قبائل البربر وهو أكثر أهل الغرب لهذا العهد وما قبله لا يكاد قطر من أقطاره يخلو من بطن من بطونهم في جبل أو بسيط حتى لقد زعم كثير من الناس أنهم الثلث من أمم البربر‏.

وقال عن صنهاجة: (من ولد صنهاج وهو صناك بالصاد المشمة بالزاي والكاف القريبة من الجيم‏.‏ إلا أن العرب عربته وزادت فيه الهاء بين النون والألف فصار صنهاج‏).‏

نستنتج من قول ابن خلدون أن الاسم صنهاج بدون الهاء المزيدة يكون صناج والجيم بحرف (g) والاصح يكتب (سناق – sanag) وهو نفس الاسم المتداول في المصادر التاريخية (زناج – zanag) ويجمع (iznagen) بالنطق الامازيغي أي الصنهاجيين .
بطون صنهاجة : عن ابن خلدون (بلكانة وأنجفة وشرطة ولمتونة ومسوفة وكدالة ومندلة وبنو وارث وبنو يتيسن، منها مسوفة ولمتونة وكدالة وشرطة بالصحراء وهم أهل وبر، اما تلكانة مواطنهم ما بين المغرب الأوسط وإفريقية والاندلس وهم أهل مدر، وكان الملك في صنهاجة في طبقتين‏:‏ الطبقة الأولى منها تلكانة ملوك إفريقية والأندلس والثانية مسوفة ولمتونة من الملثمين المسمون بالمرابطين .

بطون الطبقة الاولى من صنهاجة : تلكانة بنو ملكان وكانت مواطنهم بالمسيلة إلى حمرة إلى الجزائر ولمدية ومليناتة ‏ومتنان وأنوغة وبنو عثمان وبنو مزغنة وبنو جعد وملكانة وبطوية وبنو يفرن وبنو خليل وبعض أعقاب ملكانة بجهات بجاية ونواحيها، من ملوك تلكانة وكان كبيرهم لعهد الأغالبة مناد بن منقوش بن صنهاج، من بعده ابنه زيري بن مناد وكان من أعظم ملوك البربر، وبعده ملك ابنه بلكين بن زيري، وبعده ملك ابنه منصور بن بلكين، وبعده ملك ابنه باديس بن المنصور، وبعده ملك ابنه المعز بن باديس، واستمر ملك المعز بإفريقية والقيروان وكان أضخم ملك عرف للبربر بإفريقية .
بطون الطبقة الثانية من صنهاجة وهم الملثمون

يقول ابن خلدون : ما بين بلاد المغرب وبلاد السودان فيها مجالات الملثمين من صنهاجة وهم شعوب كثيرة ما بين كزولة ولمتونة ومسراتة ولمطة ووريكة، وهم الملثمين ملوك المغرب المسمون بالمرابطين .

تعددت قبائلهم : من كذالة فلمتونة فمسوفة فوتريكة فناوكا فزغاوة ثم لمطة هم إخوة صنهاجة، ومن رؤساء المرابطين يحي بن عمر بن تلاكاكين وأبوعبيد الله بن تيفاوت المعروف بناشرت اللمتوني ويوسف بن تاشفين بن تالاكاكين .

كان أمر المرابطين من أوله في كدالة من قبائل الملثمين، وتحول عنهم إلى لمتونة، وكان من مسوفة قد دخل في دعوة المرابطين كثير منهم فكان لهم في تلك الدولة حظ من الرئاسة والظهور.

كانت رياسة لمتونة في بني ورتانطق بن منصور بن مصالة بن المنصور بن مزالت بن أميت بن رتمال بن تلميت وهو لمتونة. ولما أفضت الرياسة إلى يحيى بن إبراهيم الكندالي، وكان له صهر في بني ورتانطق .

قال ابن أبي زرع : أول من ملك الصحراء من لمتونة تيولوتان، وملك بعده يلتان وقال غيره : من أشهرهم تينزوا بن وانشيق بن بيزا وقيل برويان بن واشنق بن يزار وللمتونة فيهم بطون كثيرة منهم: بنو ورتنطق وبنو زمال وبنو صولان وبنو ناسجة، توارث ملوك منهم تلاكاكين وورتكا وأوراكن بن ورتنطق جد أبي بكر بن عمر أمير لمتونة في مبتدأ دولتهم.
مما سبق نلاحظ عدم وجود أي علاقة تاريخية بين قبيلة صنهاجة ومن بينهم المرابطون والقبائل العربية اليمانية او الحجازية، وهذا ما أكده ابن خلدون، وكذلك نلاحظ أن أسماء القبائل والاشخاص في قبيلة صنهاجة لا تتشابه مع الاسماء العربية المعروفة لدينا، ولزيادة تأكيد هذا الرأى لنخوض في معنى كلمة المرابطين من الناحية اللغوية وما علاقتها باللغة الامازيغية .
المرابطون

أن اسم المرابط من الأسماء المنشرة في كل أرجاء شمال أفريقيا، وهو يرجع الى المرابطون الذين حكموا شمال أفريقيا والأندلس، خلال الفترة من بداية القرن الخامس الهجري حتى بداية القرن السادس الهجري .

و يرجع أصل المرابطون الى قبيلة صنهاجة الامازيغية وهي كانت في الصحراء ثم استقرت في المغرب حيث أسست دولة المرابطون، ومن فروعها قبيلة لمتونة وجدالة ومسوفة .

بالنسبة لأسم المرابط او المرابطون فهناك كثير من التحليلات والآراء في ما يخص معنى هذا الاسم في كتب التاريخ، هناك من ربطه بلفظ الرباط، وحسب لسان العرب : قال ربط الشيء شده، وقال الرباط والمرابطة ملازمة ثغر العدو، ثم صار لزوم الثغر رباطاً وربما سميت الخيل نفسها رباطاً !!! .

قال الأزهري أصل الرباط من مرابط الخيل، ومن الآية القرآنية قوله (واعدّوا لهم ما استطعتم من قوةٍ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)، قال الفراء رباط الخيل وهو الإناث من الخيل، طبعا هذا التفسير الأخير للفراء لا يمكن حدوثه في الحرب، وقال اللحياني : الربيط هو الذاهب، وقال الفارسي الرباط هو المواظبة على الأمر .

مما سبق نلاحظ أن علماء اللغة اختلفوا في تحليل هذا اللفظ، لأن هذا اللفظ لم يكن متداول عند العرب قديماً، والعرب تعرف الشد وليس الربط .

و الرأي الثاني يقول أن الرباط هو بناء يجتمع فيه الزهاد والصالحين استعداداً للحرب، ويسمى من يسكن فيه مرابطاً .

و الرأي الثالث يقول: عرفوا بالمرابطين نسبة الى رباط ابن ياسين الذي تلقوا فيه تكوينهم الروحي والديني، وقيل أنهم سموا بالمرابطين لشدة صبرهم وحسن بلائهم .

و الرأى الرابع يقول : عرفوا أيضاً بالملثمين لأتخاذهم لثاماً داكن اللون يغطي الجزء السفلي من وجوههم على نحو ما يفعله الطوارق اليوم .

ولكنني أرجح الرأي الأخير من التحليلات السابقة، وسأحاول تفسيره لغوياً حسب ما يعنيه اللفظ في اللغة الامازيغية .

من المعروف أن هناك علاقة وطيدة بين عملية الشد او الربط ولبس الملابس وربط الأشياء لبعضها، وعليه يكون الفعل اربط بمعنى (شدً) له علاقة مع الفعل الامازيغي (أربط) وهو بمعنى ألبس، وفي بعض اللهجات الامازيغية يكتب (اروط)، ومنه (يروط) او (يربط) أي لبس وهنا يوجد إبدال بين حرف (وا) و(ب)، وأن رباط الخيل الذي ذكر في القرآن يقصد به لباس الخيل وليس كما جاء عند علماء اللغة العربية سابقاً، ومن المعروف أن للخيل لها لباس خاص بالحرب وهو الذي يحدث الفزع في العدو عند الهجوم .

ومن اللفظ (اربط) أي ألبس اشتق منه اسم الفاعل في الامازيغية وهو (امربط)، وذلك بدخول حرف (م) على الفعل ليجعل منه فاعل، كما هو في النحو الامازيغي، و(امرابط) تعني الذي لبس الملابس أي اللاّبس .

وأطلق اللفظ (امرابط) أي المرابط علي الشخص الذي ينسب الى القبائل المرابطية الامازيغية التي حكمت شمال أفريقيا، وعملت على نشر الدين والخير بين الناس، ولأنهم كانوا يلبسون لباس خاص بهم وكانوا ملثمين، ومازال هذا اللباس عند أحفادهم أمازيغ الصحراء (الطوراق)، ونتيجة امتداد حكم المرابطون حتى شمل ليبيا، مما أدى الى أن كثير من العوائل الليبية مازالت تحمل هذا الاسم حتى الأن، وصارت كلمة المرابط تطلق على الشخص التقي والمتصوف والصادق …، حتى انشرت في كل مناطق شمال افريقيا مما جعل كثير من الاشخاص والقبائل ينتسبون الى المرابطين .

ومن العوائل والقبائل الموجودة في ليبيا التي تذهب بنسبها الى المرابطين، المشاشية والصيعان واولاد ابو سيف والقذاذفة ….. الخ، وهنا يجب التنبيه الى أن تسميتها بالقبائل امر مبالغ فيه، لأن هذه القبائل في البدء كانت عائلات صغيرة مهاجرة من المناطق الصحراوية الغربية من شمال أفريقيا وبعد أن استقرت في تونس وليبيا بدأت تتجمع مع عائلات أخر مهاجرة ليست من قبيلة واحدة لتكون قبيلة مختلطة صارت كل العائلات المهاجرة تنتسب اليها، لتكون بعد ذلك قبيلة متماسكة لتصل الى ما وصلت اليه الأن .

وعليه فلا يوجد أي ريب في أن هذه القبائل هي امازيغية اما من ناحية الجهة التي اتت منها وهي الصحراء الامازيغية او من ناحية الاسماء فهي امازيغية، ولا يوجد أي مصدر مكتوب يؤكد انها اتت من المشرق العربي، عدا الروايات الشفوية والتي صدرت من اهالي هذه القبائل وهي مصادر غير موثوق فيها، وغير محايدة ولا يمكن الاخذ بها .
قبيلة المشاشية واولاد ابي سيف

حسب المصادر الشفوية المأخودة من اهالي هذه القبيلة تنسب هذه القبيلة الى قبائل المرابطين، وان اولاد ابوسيف فرع منها، وبعضهم يرجع هذه القبيلة الى الاشراف الادارسة وأن اولاد ابو سيف هم من ذرية السيد محمد بن عبد النبي الاصغر الملقب بأبي سيف وكليم الطير، والمشاشية من ذرية السيد عبد السلام بن مشيش بن أبى بكر بن على بوحرمة ابن أبى رواح بن عيسى بن سلام الملقب بالعروسي ابن أحمد الملقب ميزوار ابن على الملقب حيدرة ابن محمد بن الإمام الأصغر إدريس ابن الإمام الأكبر مؤسس دولة الأدارسة بالمغرب، ويقولون انهم من المرابطون ومن صنهاجة، وهذه الاقوال هي شفوية ومتواترة بين الناس وولا يوجد أي وثائق تاريخية تؤكد هذا النسب، ولا يمكن أن يكونوا أشراف من العرب وفي نفس الوقت ينتسبون الى المرابطون وصنهاجة التي هي قبيلة امازيغية، وزد على هذا أن اسم جدهم (أمشيش) يعني في الامازيغية القط، والاسم (ميزوار) يعني في الامازيغية الاول، وأن هذه المعطيات الاخيرة هي أيضاً تؤكد امازيغية المشاشية واولاد ابوسيف، وهم من القبائل البدوية ولا يمكن أن يكونو من الاشراف لأن الاشراف يعيشون في القصور وليس في الصحراء .

الصيعان والنوائل

المصدر الأول كتاب « موسوعة القبائل العربية » لمؤلفه محمد سليمان الطيب الذي ذكر فيه نسب هذه القبيلة وهو (قبيلة محمد أبو صاع دفين سبيبة غربي القيروان بتونس، وهو جد قبيلة أشراف الصيعان في ليبيا وتونس، وهو شقيق الشريف سيدي سلام أبو غرارة جد قبيلة الغرارات والمدفون في بلدة مارث ما بين ولاية مدنين وولاية قابس بالقطر التونسي).

قبيلة النوائل الى جانب قبيلة الصيعان هما قبائل بدوية دخلت ليبيا في فترة قريبة جداً واستقرت في سهل الجفارة، لا يوجد لها ذكر في المصادر التاريخية القديمة انما تكونت في فترة قريبة، ومن المؤكد انها امازيغية الاصل لعدم وجود أي مصادر تتبث عربيتها، ولأن أهالي هذه القبائل بها ملامح امازيغية مثل لون البشرة ولون العيون وبها عوائل تحمل الاسماء الامازيغية.


ماصر الجادوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق