Translate

الأربعاء، 27 أغسطس 2014

مقابلة مع الأستاذ محمد فال ولد عبد اللطيف


مقابلة مع الأستاذ محمد فال ولد عبد اللطيف


قال الأديب والإداري محمد فال ولد عبد اللطيف، إن بعض أصول "استدمين" موجودة في القرآن الكريم، ونقل الأستاذ عبد اللطيف عن الفقيه السنغالي الكبير الشيخ أحمدو بمب.


أن في قوله تعالى " فعرف بعضه وأعرض عن بعض " تأصيلا لكلام بني ديمان.
وتحدث الأستاذ عبد اللطيف في مقابلته الشيّقة مع السراج عن بعض مؤلفاته وخصوصا كتابه شرح الشمائل النبوية.



الحلقة الثالثة



السراج: شرحتم نظم الشمائل للشيخ ببها ولد العاقل أي منهجية استخدمتوها في ذلك الشرح؟


محمد فال: نعم شرحت كتاب الشمائل للشيخ محمذن فال الملقب ببها ولد العاقل وهو أحد أكبر علماء منطقة الجنوب الموريتاني، ولي مع هذه الكتاب قصة أصيلة، حيث كان من المأثورات في مكتبة الوالد رحمه الله تعالى، والذي كان مهتما جدا بكتب الشمائل يقتنيها ويستنسخها وكان وطيد الصلة بهذا الكتاب خاصة.


ولي مع الكتاب قصة أخرى أن الوالدة رحمها الله تعالى رأت في منامها أن محمذن فال ولد محمذن رحمه الله زارنا في البادية واستقبلته وكان يتكلم وأتكلم أكثر، وهذا ما يخالف قانون الأدب مع الكبار وقد فسرت لها هذه الرؤيا بأنني قد أشرح بعض كتبه إذ شأن الشارح مع المؤلف أن يفصل ما أجمل ويزيده بالشرح إيضاحا، وبتوفيق الله شجعتني هذه الرؤيا.


ومنهجيتي في شرح الكتاب المذكور هي ضبط النص وتخريج آثاره من أحاديث ونصوص وشواهد وشعر والتعريف بأعلامه، مع شرح أحاديثه والتعرض لما يمكن أن يستنبط فيها من الشواهد والنوادر والحكم مع التعرض للنظائر في تلك الأبواب.

وقد طبع الكتاب – طبعة غير جيدة لكنها خير من العدم.


السراج: أشاد بعض العلماء بالشرح المذكور؟


محمد فال: الحمد لله تلك شهادات أعتز بها والله تعالى يمضي الدعاوى ويعطي الشهادات من كرمه جل وعلا.


السراج: هنالك من يرى تراجعا ملحوظا في فقه المحبة في المؤلفات المعاصرة؟


محمد فال: لا أظن ..لأني لا أعرف الناس جميعا وأعرف أنه لا يزال بحمد لله كثير من المحبين والمؤلفين وقد جمعت مرة ثبتا كبيرا يتجاوز 30 مؤلفا – ولم استقص – لعلماء موريتانيين في الشمائل وفقه المحبة النبوية.


والشمائل هي أساس فقه السيرة وفقه المحبة وقد لاحظ ابن القيم رحمه الله هذا المعنى في كتابه " زاد المعاد في هدي خير العباد" حيث أن كل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله كانت شمائل كلها حتى في قتاله مع الكفار ومداراته للمنافقين وحتى في فصله بين المتخاصمين، في كل ذلك شمائل ناضرة ونفحات كبيرة.


وأذكر أنني قصصت مرة على الشاعر أحمدو ولد عبد القادر حديث " سبقك بها عكاشة" وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له الرجل الثاني ادع الله أن يجعلني منهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "سبقك بها عكاشة" ففي هذا أدب نبوي جم حيث لم يقل له "لست منهم": ولكن قال " سبقك بها عكاشة" واستحسن الشاعر أحمدو ولد عبد القادر هذا المعنى، لكن آخرين قالوا له " إنه يريد أن يقول لك إن النبي صلى الله عليه وسلم من بني " فلان" ولم أكن أقصد ذلك لكن ما أقصد أن في هذا التعبير أدبا جما ودلالات "مطابقة حت حت".


ومن هذا الأدب أيضا حديث أبي بصير عندما فر أحد الناجين إلى النبي صلى الله عليه فلما رآه قال : لقد رأى هذا ذعرا" وهذا من أدب النبوة الرائق.


وبالجملة فالشمائل النبوية مبحث مهم جدا لتزكية النفوس ودراسة السنة دراسة متكاملة تغذي الروح وتكسب الخلق أساسا مميزا من الاقتداء والتسنن.


السراج: ضمن هذا المعنى .. يتحدث بعض "المستدمنين عن أصول" لتلك الثقافة في القرآن والسنة ما رأيكم؟


محمد فال: يروى هذا المعنى عن الشيخ أحمدو بمب رحمه الله تعالى من خلال قول الله تعالى "فعرف بعضه وأعرض عن بعض" وعموما الأخلاق الكريمة كلها أقوالا وأفعالا تعود إلى القرآن لأنه هو الأساس والمركزية الأولى لأخلاق المسلمين وشمائلهم، بغض النظر عن أصحابها والمتخلقين بها.


السراج: ماذا عن بقية تآليف محمد فال ولد عبد اللطيف؟


محمد فال: بالإضافة إلى الشرح السابق، شرحت قصيدة للشيخ محمد المامي اسمها الجرادة الصفراء، وهي قصيدة عظيمة في بابها، وقد شرحتها شرحا "لا بأس" به ربما يفيد من يريد شرحها شرحا موسعا، والقصيدة معارضة من الشيخ محمد المامي لهمزية البوصيري رحمه الله والجرادة الصفراء لقب لمسلمة بن عبد الملك رحمه الله تعالى، وسمي بذلك لحسن هيئة وجماله.


لدي ملخص – كتبته بناء على طلب بعض الإخوة – لقراءة أبي عمرو بن العلاء، وقد أخذه طالب موريتاني إلى السعودية ليدرسه ضمن بحث له عن المؤلفات القرآنية في موريتانيا.


السراج: وهل حصلتم على إجازة في القرآن؟


محمد فال: لما أحصل على إجازة وأرجو أن أحصل عليها أحفظ القرآن دون إجازة، وفي السياق السابق، لدي أيضا كتاب اسمه " إنضاء المطية لنيل الطية في المضاف في الثقافة الشنقيطية" وقد قفوت فيه أبا نصر عبد المالك الثعالبي في كتابه "ثمار القلوب" الذي تتبع فيه المضاف في الثقافة العربية.


السراج: ماهي فلسفة هذا الكتاب ؟


محمد فال: هذا ليس كتاب أمثال ولكنه معجم للعبارات المركبة تركيبا إضافيا مثل "ظواية مولان" للقمر، ومثل "شايلة مولان" للعنز الدرور.


السراج: في هذا السياق ماهي أصول الحسانية برأيكم؟


محمد فال: الحسانية عربية وهي كما قال محمد اليدالي القنطرة إلى العربية لكنها جاءت إلى أرضية صلبة من اللغة الصنهاجية، وربما تأثرت بها.


السراج: وهل تتحدثون اللغة الصنهاجية (اكلام ازناكه)


محمد فال: أتحدث الصنهاجية أحسن من الجيل الذي بعدي وأنا دون الذين سبقوني فيها دون شك.


السراج: يتحدث البعض عن وظائف أمنية واجتماعية للغة الصنهاجية؟


محمد فال: أظن أن هنالك إشكالية أكبر في هذا المجال وهي إذا قلنا إن السكان الأصليين للبلاد هم البربر، الناطقون باللغة الصنهاجية .. لماذا اندثرت هذه اللغة ولم يبق ممن يتحدث بها إلا جيوب قليلة من الزوايا في الترارزة وتعرب الجميع بعد ذلك.


السراج: هل تملكون تفسيرا لهذه الظاهرة؟


محمد فال: لا أملك تفسيرا اللهم إذا كان جزء من المحافظة على الهوية المحلية لهذه المجموعات، ولكنه لم يكن مصحوبا بنضال ثقافي ولا طعن في الثقافة العربية الواردة ولا اعتزاز عرقي.


السراج: ضمن نفس الملاحظة ألا تلاحظون أن تلك المجموعات المحافظة على الصنهاجية كانت في المقابل أهم محاضن اللغة العربية؟


محمد فال: دون شك ونحن نذكر أن ولد ولد خالنا وهو مؤلف كتاب كرامات الزوايا وهو مؤلف لا يقل عن نثر ابن العميد رحمه الله تعالى وهو أيضا صاحب " كرزيتن " عجيبتين في المديح النبوي وهما باللهجة الصنهاجية.


وعموما كان الناس يرون في اللغة الصنهاجية الإطار الأقدر على توصيل الشحن الوجدانية والأحاسيس والشعور، وبعض أمثالها لا يمكن ترجمته إلى اللغة العربية، وهذا المعنى أصيل جدا في فقه اللغة وقد عبر عنه الجاحظ.


ونشاهد نفس المعنى في اللغة الولفية حيث أن بعض أمثالها تتحول إلى عبارات نابية إذا ترجمناها للحسانية وحتى في الحسانية والعربية كذلك.


السراج: هل تتحدثون اللغة الولفية؟


محمد فال: لم أذهب إلى السنغال للأسف حيث يمكنني أن أتعلم اللغة الولفية وفي المناطق التي عملت فيها لم يكن فيها حضور قوي للولفيين؟


السراج: في "تونكن" ألم يكن هنالك بعض الولف؟


محمد فال: (يضحك) لم أطل المقام هنالك؟


السراج: هل تحسون بمستوى من التدافع الثقافي أو الاجتماعي بين حسان والزوايا؟


محمد فال: حسان لا يتحدثون كلام "ازناكه " بل يرغبون عن ذلك والزوايا يتقنون العربية ويتعلمونها لأغراض دينية وثقافية، ويتمسك بعضهم بلغته الصنهاجية دون أن يكون ذلك التمسك مصحوبا بأي بعد اجتماعي أو عرقي أو دفاعي فئوي.


السراج: ماذا عن عروبة المجتع الموريتاني؟


محمد فال: أراها قضية غير ذات بال .. إذا كانت العروبة نطاقا عرقيا نسبيا فلم يعد الأمر مطروحا في ظل الدولة الوطنية، وإذا كانت التعرب الثقافي والغيرة على الإسلام فهي أمر مشترك بين كل فئات المجتمع الموريتاني، وبالجملة لا يكون لهذا المبحث أثر كبير في حياة الناس ولا يترتب عليه كثير فائدة للمجتمع.


السراج: يتحدث البعض عن أصول أخرى للسكان قبل وصول العنصرين الحساني والبربري إلى المنطقة؟


محمد فال: قرأت ما كتب بعض الباحثين الشباب الدكتور حماه الله ولد السالم، والحسين ولد محنض، ومحمد ولد كاكيه، وأرى أنهم وفقوا في سد الفجوة ما بين سقوط المرابطين وقيام الإمارات الحسانية.


السراج: في سياق الفقه الموريتاني .. ما هي برأيكم أهم خصائص الفقه المحلي في موريتانيا؟


محمد فال: ناقش الفقه المحلي في موريتانيا إشكال الاجتهاد في ظل البادية، ولعل الشيخ محمد المامي رحمه الله كان أبرز من تعرض لهذا المجال في كتابه فقه البادية.


وانتقد الشيخ محمد المامي ازداوجية الفقه المحلي من خلال رفض الاجتهاد كمبدأ وممارسته بشكل يومي في إشكالات حياة أهل البادية.


والفقه – كما تعرف هو حل المشكلات المطروحة انطلاقا من تعاليم الشريعة.


السراج: بم تفسرون انتشار الأنظام الفقهية في المجال الموريتاني؟


محمد فال: انتشرت الأنظام رغم أنها لم تكن – عند بعض العلماء – الوسيلة المثالية لدرس الفقه وأخذه من منابعه، ونقلت عن والدي عن والده عن أحد أبناء أحمد ولد العاقل رحم الله الجميع أنه كان يعارض بشكل دائم الأنظام ويرى أنها تفسد العلم لما يلجأ إليه الناظم في بعض الأحيان لضرورة النظم.


السراج: على ذكر القاضي أحمد ولد العاقل ماذا عن وظيفة القضاء خصوصا في المنطقة التي تنتمون إليها؟


محمد فال: ألف بعض الأساتذة الجامعيين كتابا عن تاريخ القضاء في موريتانيا، وقد فصلوا فيه تفصيلا جيدا .. حيث يكون ترتيب القاضي من قبل الأمير بعد أن يشتهر بين الناس في العلم دون أن يكون الأمر تعيينا موثقا.


ومن أشهر القضاة أحمد ولد العاقل المعاصر للأمير أعمر ولد المختار، ومحنض بابه ولد اعبيد في عهد الأمير محمد الحبيب ولد أعمر، والقاضي ابن عبدم في عهد سيدي ولد محمد الحبيب،


وكون هؤلاء قضاة الإمارة لم يكن يمنع من ظهور قضاة آخرين في الأحياء الأخرى، وقد تقع مناقشات فقهية كانت أقرب إلى المرافعات التي يقدمها المحامون اليوم، وقد تطول تلك السجالات الفقهية، لكنها لم تكن نقضا بالمعنى القانوني المعاصر.



 المصدرhttp://mederdra.net/index.php/interview/445-2011-07-10-01-12-56.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق